مطب صناعي

"ثانوية عامة في بعض الأحيان تعتبر "مطب صناعي

"البدايات دائما صعبة لأنها تجبرنا على مجابهة قدرنا وحيدين، ولكن مع الزمن نتعود على الشطط ليصير جزءًا من حياتنا" 

بدايات كل شيء عدا الحب صعبة بالفعل، إلا أنها تصقلنا بالخبرة وتساعدنا على اكتشاف ذاك العالم المخبّئ بداخلنا، والذي  لم نكن لنتعرف عليه إلا بفضل التجربة الأولى.
الإقلاع عن التدخين مثلًا لا يكون صعبًا فقط، بل يحمل في بدايته آثارًا سلبية لا يُستهان بها؛ لذلك لا يكمل في هذا الطريق إلا صاحب عزم وصبر، صبر جميل. 

الثانوية العامة كذلك، تعد أول مرحلة نتحمل فيها المسئولية وأول تحدٍ مع النفس،  وأول مطب صناعى يواجهنا، بل وربما يكون أصغرهم وأخفهم في جملة المطبات التي ستواجهنا طوال الحياة، لذلك فمن السخف ألا نجتازه بنجاح، والنجاح في نظري يشمل معانٍ كثيرة أصغرها هو مجموع الثانوية. 

صعوبة السنة تكمن في كونها "التجربة الأولى" لكثير من الأشياء، بدايةً من تحمل المسئولية ومواجهة النفس التي لا تظهر على حقيقتها إلّا تحت الضغوط، نهايةً بكونها تحدد جزءًا لا بأس به من حياتنا المهنية بعد ذلك. فربما تكتشف في هذه السنة شخصًا آخر بداخلك بقيم ومبادئ أخرى غير التي ترسخت فيك ولو كنت اختبرتها من قبل لعرفت الحقيقة.

لذلك فلتكن هذه السنة هي أول اختبار تخوضه وحدك ويكفيك أن تخرج منه وقد اكتشفت صفة جديدة فيك أو تعرفت على نفسك أكثر أو اكتسبت صديقًا جديدًا أو تعلّمت قيمة واحدة غيّرتك للأفضل أو تقرّبت من أهلك أكثر أو علمت قيمة الدعاء الذي يغير القدر أو جعلتك تتيقن أن هذه الدنيا ليست للراحة وأن الفواصل التي نرتاح فيها قليلة وأننا بمجرد انتهائنا من السنة سنبدأ مرحلة جديدة  وسوف تكون أصعب ولكنها لن تكون بثقل التجربة الأولى. 

من الأمور المضحكة مثلًا أننا طوال السنة كنا نحمل عبء كون الامتحانات ستبدأ فى شهر رمضان، ثم اكتشفنا أننا في كل الأعوام الجامعية القادمة سنمتحن طوال الشهر ولكننا الآن لا نحمل أي قلق تجاه هذا الأمر، وربما السبب الوحيد لذلك هو أننا مررنا بالتجربة من قبل، وبالمناسبة فهي لم تكن بالسوء الذي توقعناه.