Top Ad unit 728 × 90

عن التعلم الذاتي "نبذة وخطوة وذلة قلم"



في البدء، أو قُلْ قبل البدء، علينا أنْ نحيطك قارئنا ببعض العلم عما سنقول، قد نسرد كثيرًا وقد نخاطب وإن كنا نخاطب من خلال السرد أو نسرد في عرض الخطاب، فإن شعرته تنظير جاف توالت فيه الحقائق ففيه من النصيحة ما يطيب لك ولنا.

تنشأ المعرفة دائمًا وليدة للتعلم والحاجة، منذ أن استخدم الإنسان القديم عقله قبل حتى أن يفهم حقيقته، منذ إنسان الكهف أو أقدم لا يهمنا، فاكتشف النار وشق الأرض وسخر الطبيعة من حوله لخدمته لتلبية حاجاته الإنسانية وهو في كل ذلك لم يلقنه أحد بشئ، ثم استمر تفاعل البشر مع بعضهم كأفراد وجماعات مع الطبيعة حتى قامت الحضارات.


واقتباس الحضارات من الحضارات نظم وسائل الحياة على الرغم من أن نشأة معرفة الإنسان بكيفية تسخير بيئته لخدمته نشأت غريزية فضولية بفعل الحاجة.


وما يزال الإنسان حتى يومنا بعدما ارتقى عقله وتحسنت معيشته درجات بشكل كبير ينبش عن كل الوسائل لنيل مجال من مجالات المعرفة الواسعة لتلبية حاجة أو الإيمان بضرورة التعلم أو العمل على الذات الإنسانية وترقيتها، وكل في فلكه يسبح، ومع وجود الشخص الذي يقوم بعملية التعليم لحاجتها لمنهجية معينة تتطلب مشرف أو معلم له من الخبرة والتدريب ما يسمح له بذلك ظل اعتماد الفرد المتعلم داخل المنظمات التعليمية في حاجة لمعلم بشكل مستمر، كل ذلك حتى ظهر مفهوم جديد في علم النفس التربوي في الخمسينيات من القرن الماضي على يد أحد علماء النفس الأمريكي "فريدريك سكينر"وهو"التعلم الذاتي".

والتعلم الذاتي كما ورد عن المختصين به: هو عملية يتم إجراؤها بشكل مقصود في محاولة من قِبَل الفرد المتعلم اكتساب قدر من المعارف والمهارات والمفاهيم والاتجاهات والقيم بشكل ذاتي، وذلك من خلال المهارات والممارسات المحددة بين يديه.

ويعرف هذا النوع من التعليم أيضًا على أنه: النشاط التعلمي الذي يقوم به الفرد مدفوعًا برغبة ذاتية يهدف عن طريقها إلى تنمية إمكانياته واستعداداته وقدراته، استجابة لإهتماماته وميوله لتحقيق تنمية شخصية متكاملة.

مما سبق نرى أن التعلم الذاتي نمط جديد ومميز في التعليم يكون فيه المتعلم محور العملية التعليمة التي تقدم هو إليها رغبةً منه في العمل الجاد في تنمية قدراته الذاتية.


ولعل هذا هو أول فرق بين التعلم الذاتي والتعليم الإلزامي بمظهره التقليدي الذي لا يراعي القدرات الذاتية وفروقها بين التلاميذ كما أنه محدد بعدد من السنين بل أن التعلم الذاتي نشأ كخطوة على طريق التربية والتعليم الدائمين.


وككل شيء، كان ممكنا أن يسير التعلم الذاتي عشوائيًا لولا استخدام الاستراتيجيات والوسائل المناسبة التي تحقق غاياته، فمن الأساليب المستحدثة في التعلم الذاتي نذكر مثلا: التعلم المبرمج، الحقائب التعليمية، والتعلم القائم على الحاسوب وهذا الأخير يعتبر أكثرها إنتشارًا في أيامنا المعاصرة.

المكونات الأساسية للتعلم الذاتي التي يندرج تحتها أساليب التعلم نفسه هو وجود ثلاثة أنواع من المكونات تختلف عن بعضها ضرورية التوافر في أي وسيلة هم: المثير، الاستجابة، التعزيز.

وجدير بالعلم أن أخبرك قارئي العزيز أن الدعوة لهذا ليس إخفاء دور المعلم بالكامل، ففي اتساع مجالات المعرفة ونتائج الثورة التكنولوجية التي نعيشها أصبح هذا النمط من التعلم يمثل معلم مساعد يعين على إيصال المعارف، فمن التحولات التي أضافها التعلم الذاتي هو أنه جعل من المعلم بشخصه مرشدًا للمتعلمين على السبل والمصادر التي تمكنهم من مواصلة تلقيهم للمعرفة.

وككل نظرية، دفع ذلك علماء النفس والتربويين إلى وضع بعض الأسس التربوية والنفسية التي يجب أن تسير عليها عملية التعلم لضمان استمرارها بالنسق الصحيح.

فكانت بعض تلك الأسس التي قام عليها:
-اعتبار كل طالب حالة خاصة وليس كل الطلاب، وبذلك يكون قد راعى الفروق الفردية بين الطلاب.
-يقوم على أساس السرعة الذاتية للطالب حسب سرعة سيره في عملية التعلم لذا فهو غير محدد زمنيًا.
-يمنح الفرصة للطالب باختيار ما يريد تعلمه ولا يفرض عليه معارف معينة.
-تقديم التغذية الراجعة والتي تُمَكِنْ المتعلم من الوقوف على مقياس اكتسابه التعلم.

من هذه الأسس، يمكن أن تنبثق منها أهم ما يميز التعلم الذاتي، حيث أنه أكثر انفتاحًا على مجالات المعرفة، كما قرأت الآن فهو يركز على الشخص، ولا يعامل الطالب على أنه نفرُ وسط جماعة، مما ففي ذلك احترامًا لعقله وخياراته ومنحه الحرية الكاملة في تحديد ما يجب أن يتعلمه.

ينبع الآن لدي ولديكم الشعور بأهمية التعلم الذاتي على أنه:
-الوسيلة الأفضل للتعلم الحقيقي النابع من الرغبة المُلِحة في كشف المجهول حول شيء ما.
-الأداة التي تبني في شخصية المتعلم الاعتماد على الذات وتحديد اتجاهاته المعرفية بنفسه.
-ينمي بيئة خصبة من الإبداعية في التعلم نابعة من حب الشخص لما يفعله.
-إزالة جانب المنافسة بين الأفراد داخل مؤسسة تعليمية واحدة فأصبح المتعلم هنا يركز على ما أنجزه هو ويعمل على تطويره لا على ما أنجزه الآخرون، بل أنه في بعض الأحيان يساعد على تكوين شبكات معرفية يتعاون فيها أشخاص متفرقون كل منهم غرضه التعلم دون أن يتنافسوا فيما بينهم.

والآن انتبه جيدًا، إن كنت تقرأ هذا الكلام من مصر أو غيرها، بالعربية أو قمت بترجمته إلى لغتك الأم فهو حتى الآن مناسب لك أينما كنت وكيفما قرأت أما ما أنا بصدد الحديث عنه الآن سأحاول جاهدًا أن يبقى مناسبًا كما سبقه من الحديث وآملٍ ألا يتهمني أهلي من المحيط إلى الخليج بالافتراء، وأدعو الله أن أظل حياديًا في نظرك إن قرأت هذا المقال يومًا بجدية أو عبثًا.

يختلف إقبال الأفراد في شعوب العالم على التعلم الذاتي فالأمر يرتبط بالثقافة العامة للأفراد نفسها في المجتمع نوعًا ما ونظرتهم للمجتمع والحياة ولأنفسهم من أجل السعي إلى تطوير الذات ومواكبة العصر وشعور المرء بدوره في تحديد مصيره الأصغر ومصير مجتمعه وبلده الأكبر، ففي دول العالم المتقدم يتنافس المتنافسون من ذوي السلطة على علو شأن الفرد هناك وتقديره لذاته عن طريق نشر الحريات والانفتاح على الثقافات وما غيرها مما ينمي داخل الفرد شعوره بالواجب تجاه نفسه ليتم واجبه تجاه مجتمعه وبلده، أما بشر بلادنا الذين أضحى أغلبهم اليوم يعيشون ولا يعيشون، يسيرون تباعًا في خندق من الوحلِ يدفع بعضهم بعضًا منذ سنين أملًا في الخروج من الخندق أو الدنيا بسلام، هم لا يتعلمون لا ذاتيًا أو غير ذاتيًا بسبب ثقافة التلقين والتفريغ التي زرعتها فيهم المدارس والجامعات ووسائل الإعلام وأنظمة الحكم، فليرحمنا الله.

أخيرًا، إيمانًا منا بأن المتعلم هو حجر الأساس في أي عملية تعلم مهما كان نمطها وجب علينا تذكيركم وليس إخباركم العلم لنفترض أنكم أعلم منا بأن هناك أبوابًا أخرى للتعلم غير التي تعودنا عليها محاولين بكل جهد إلقاء أكبر عدد من الحجارة في المياه الراكدة.


بقلم: أحمد عماد



عن التعلم الذاتي "نبذة وخطوة وذلة قلم" Reviewed by Unknown on 11:27 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نحن دائما ننتظر تعليقاتكم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.