Top Ad unit 728 × 90

عن العمل المقرون بالمحبة



حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب.. يقولها لنا الكثير حينما نكون على مضض فعل شيء ما، فلا أنسى يومًا أن قالها لي أبي عندما تخرجت من الثانوية العامة بمجموع درجات قليلة، الذي لو وضعت قيمته نقودًا فلا يشتري وجبة تُشبعني، قالها لي مواسيًا، قالها لي وأنا على أعتاب مرحلة جديدة، مرحلة لم أخطط لها مُسبقًا، لم أعد لها العُدة، مرحلة الجامعة.

لم يكن في بالي ولا خاطري أنه في يومٍ من الأيام سأجلس في مكان ما داخل كلية ما، لم أكن يومًا مخطط لها، لم أتخيل ولو لـلحظات أنني سأحب هذه الكلية حتى أعمل بها ما أحب، وها أنا الآن في عامي الأخير، ولا أزال أحاول أن أحب ما أعمل حتى أعمل ما أحب.

لم أجد ضالتي بعد، فلو ساعدني أحدهم يومًا أثناء دراستي في الثانوية العامة في أن أحب ما أعمل (المذاكرة) حتى أعمل ما أحب (الهندسة)، لما كنت ما أنا عليه الآن تائهًا محاولًا البحث داخل خبايا ودهاليز نفسي عن ما أحب، أبحث كمثل الذي يبحث عن إبرة في كومة قش، ولكن ها أنا قد أوشكت على الوصول، فقد رأيت ضوءًا خافتًا لفنار شغفي.

أكتب إليك عزيزي القارئ لأقول لك ما لم يقولوه لي، لأنقل لك ما لم ينقلوه لي، أكتب إليك للنصح ولتصحيح المسار، أكتب إليك للحض على حب مذاكرتك وإعطائها كافة حقوقها، لأنك إذا اعتنيت بها وأعطيتها حقوقها ستحبك، وتحبها حتى تعمل بها ما تحب، فلا تحسبني مازحًا أو مُجودًا عندما أقول لك: حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب، لا تحسبني هكذا، لأن هذه الجملة ناموس من نواميس الكون، انظر حولك وسترى آثارها.

هل وجدت يومًا خبازًا لا يحب عمله وما زال يعمل به؟ بالطبع لا، لأنه إذا لم يحب عمله، بدلًا من أن يخبز لك خبزًا شهيًا، سيخبز لك علقمًا مريرًا، هل وجدت أبدًا طاهي لا يحب عمله؟ بالتأكيد لا، لأنه لو لم يحب عمله لدس لك السُم في الطعام بدلًا من الملح، لقدم لك قطعة مفحمة من اللحم موهماً إياك بأنها شواء الباربكيو، هل رأيت يومًا خياطًا لا يحب عمله، قطعًا لا، وبذكرنا للخياط تذكرت قولًا وجيزًا للرائع جبران خليل جبران، بقوله عن العمل المقرون بالمحبة (ما هو العمل المقرون بالمحبة؟ هو أن تحيك الرداء بخيوط مسحوبة من نسيج قلبك مفكرًا أن حبيبك سيرتدي ذلك الرداء).
فإذا اقترن العمل بالمحبة عند كل منا، سنصبح ما نريد أن نصبح، سنكون ما نحلُم به، لأن العمل هو الطريقة التي تمكننا من تحقيق الأحلام، أيًا كان نوع هذا العمل، فعملك الآن هو المذاكرة، فعليك مراعاته وحُبه حتى تعمل ما تحب، فالنجاح الحقيقي يتطلب عرق الجبين يا عزيزي، اعرق، فنصف نجاح لن يوصلك لهدفك.

بقلم: خالد سعيد

عن العمل المقرون بالمحبة Reviewed by Unknown on 11:25 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نحن دائما ننتظر تعليقاتكم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.