حصادٌ آخر! (نظرتك للدراسه)

وِفقًا لما انتشر في وقتنا هذا عن الدراسة والانطباع عنها وكثرة التعليقات السلبية في معظمها، فظن البعض أن الدراسة ما هي إلا عدة أشهر وتنتهي وأن ما علينا فيها إلا أن نذاكر المنهج لنتجاوز الاختبار النهائي وتحصيل النجاح فقط، وفور خروجنا من اللجنة نتناسى ما ذاكرناه وحفظناه شيئًا فـشيئًا إلى أن نكاد بالفعل نتذكر بعدئذٍ القليل جدًا مما مر علينا فنكتشف حينها أن الوقت الذي قُضيَ في الدراسة يكاد معظمه ذهب دون استغلاله بشكل جيد. فـلِمَ نفعل ذلك بأنفسنا؟

الدراسة ليست بالشكل التي أحصرناها فيه، بل يمكننا تعلُّم الكثير من تلك الفترة!، فبجانب ما يمكنك تعلُمه من المواد الدراسية واختلاف نظرتك لها -كما تحدثنا سابقًا- والتي يمكن أن ينعكس عليْك فيما بعد في كيفية نظرتك لبعض الأمور.

يمكنك أيضًا التعلُم من كيفية ترتيب وقتك والمذاكرة، فتكتشف بعدها أن بِوسعِكَ أن تنظم وقتك بشكل جيد عكس ما كنت تظن، وأنك تستطع أن تعمل بجِدٍ واجتهاد بالفعل وأن تترك ما يضرك أو ما لا ينفع من أجل استغلال ما ينفع، فتدخل بعدها المرحلة الجامعية والعملية فتكون مُدركًا لما عليْك فِعلُهُ لتحافظ على هذا النجاح.  

ستتعلم أيضًا كيف تتعامل وتتواصل مع الآخرين والتنظيم بين الأدوار في العمل، كيف يمكنك تعلم شيء آخر بجانب عملك أو دراستك، كيف لا تترك وقتَ فراغٍ لك فتشغلك نفسك بالسوء، فلتبادر أنت وتشغلها بالعمل النافع.

فقط عليْك أن تلتفت لمثل هذا الآن، وتتعلم كيف تبدأ وتدير وقتك وتنظم عملك، فالآن ستبدأ وأنت طالبٌ تريد أن تنظم وقتك وتقسمه بين تعليمك -شرعيًا كان أو دنيويًا- وتنمية نفسك سواء بالقراءة أو العمل وكيف تجعل لك وقتًا ترفيهيًا إن كنت تمارس فيه رياضة أو تجلس مع عائلتك.

وأهم ما ستتعلمه هو كيف تتوكل على الله حقًا وتسعى وتجتهد مُحسنًا الظن به مُتيقنًا أن تعبك لن يضيع وأن التوفيق من الله وحده.

واعلم أنك إن تعلمت الآن فعل ذلك في دائرتك الصغيرة فستتعلم غدًا -إن شاء الله- كيف تتعامل عندما تتسع تلك الدائرة وتزيد معارفك وأعمالك، فلا تضيع وقتك، واعلم ماذا تريد لتعرف ما الذي سيُمكنك حصاده؛ فحدد لك هدفًا وفكِّر كيف يمكنك أن تستغل تلك الفترة لتجني المزيد من الخبرات التي من الممكن أن تنفعك بقية حياتك.  

"إني أكره الرَّجُل أن أراه يمشي سبهْللا: لا في أمر الدنيا، ولا في أمر آخرة "

- عمر بن الخطاب.

بقلم:رحمه الأعصر